القائمة الرئيسية

الصفحات

أخر المواضيع

صناعة الإنسان في القرن 21

 

صناعة الإنسان

إن عملية صناعة الإنسان هي من أعقد الصناعات وأهمها على الإطلاق، بحيث لا يستقيم الحديث عن التنمية والإزدهار بمعزل عن الحديث الجدي عن كيفية بناء الإنسان الصالح القادر على المشاركة في عملية التنمية والرقي بالدول والأمم، ولنا في تجارب العديد من الأمم التي حققت ازدهاراً مثل اليابان وسنغافورة ودول أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية والتي اعتمدت في تحقيق الرفاهية والتنمية على صناعة الإنسان، عبر تعليمه وتثقيفه وجعله مشاركا في تحقيق التنمية المنشودة والعمل على استمراريتها.

إن الإنسان هو كلمة السر التي تميز المجتمعات المتقدمة عن المجتمعات المتخلفة عن الركب لسنوات عديدة يحددها الخبراء بـ 50 سنة (في المتوسط)، من هنا كانت أولوية حكومات البلدان المتقدمة -ولازالت- هي الاهتمام بالإنسان بجعله أكثر فعالية في مجتمعته، هذا الاهتمام يتجلى في الاهتمام بصحته النفسية والجسدية والإهتمام بتعليمه وتطوير قدراته وصقل مواهبه.

إن تطوير المنظومة التعليمية هو العمود الفقري في عملية الإستثمار في الإنسان والرقي به، فلا يمكن الحديث عن تحقيق التنمية دون الحديث عن إصلاح المنظومة التعليمية والرقي بها وإلا سيكون ضربا من الجنون! 

إن الفشل وضعف المردوية لدى الإنسان عامة ينعكس سلبا على المجتمع وعلى فرص ترقيه، وما ينبغي فعله هو إخراج هذا الإنسان من الخمول الفكري والمعرفي والإنتاجي، إلى إنسان قادر على العطاء، يستثمر مهاراته في الرقي بالمجتمع ولن يتحقق كل هذا إلا بالاهتمام بمجموعة من الأمور أولها العمل على تطوير المنظومة التعليمية خاصة في المراحل العمرية الصغيرة (التعليم الأولي والتعليم الابتدائي) بما يتماشى مع قدرات كل طفل من أجل أن تخرج المدارس والجامعات كوادر في مختلف التخصصات العلمية والأدبية والتقنية.

ثانيا الإهتمام بالأسرة لما لها من دور كبير إلى جانب المدرسة في تربية الأطفال وصقل سلوكياتهم ومواهبهم فالأسرة هي النواة الأولى في تربية وتعليم الأطفال والأبوان هما المعلمان الأولان للطفل قبل التحاقه بالمدرسة.

وثالثا وأخيرا هو الإهتمام بصحة الإنسان فلا يمكن الحديث عن صناعة إنسان مثقف ومتلعم وفي نفس الوقت عليل الصحة الجسمانية والنفسية، ولهذا وجب على الدول الاهتمام بالمنظومة الصحية وجعل خدماتها متاحة للجميع وبشكل مجاني.

إن العديد من الدول المتقدمة لم تكن لتصل لهذا التقدم لولا النهوض بالعنصر البشري وتنميته، حتى وصلت إلى القمة عن جدارة واستحقاق وذلك بفضل الإيمان العميق بأهمية التعليم أولا وأخيرا، فحققت الإزدهار والنمو لشعوبها.

إن المتأمل في حال أمتنا الإسلامية اليوم يراها تعاني على جميع الأصعدة اقتصاديا وسياسيا وحتى أخلاقيا، وذلك بفعل الكثير من السموم التي تأتيها من كل حدب وصوب، حتى أصبحت أمة مقلدة وتابعة غير منتجة تاركة أمجادها الجميلة الضائعة والتي كانت تفاخر بها بين الأمم!

إن استعادة أمجاد الأمة الإسلامية لن يتأتى إلا بتظافر الجهود من طرف الكل حكومات وهيئات خاصة وأفراد، في سبيل الرقي بالفرد وجعله إنسانا صالحا منتجاً وقادرا على المساهمة في الرقي بوطنه وأمته.

تعليقات